التغيير برس

هزة قلم! وسنتي، أم وعترتي وأهل بيتي؟

القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، وهو معجزة الرسول -صلى الله عليه - الكبرى. العديد من آيات القرآن الكريم تؤكد هذه الحجية، وتبين أنه مصدر المسلمين الأول للتشريع، منها قوله تعالى: ''ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين'' (النحل: الآية ،89)،

وقوله تعالى: ''وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه.. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً'' (المائدة ،48)،

ويقول في موضع آخر: ''قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم'' (المائدة الآيات 16- ·15 ).

 

لكنها المعركة الأزلية بين الخير والشر، بين البشر ووحي السماء: "وأعرض عن الجاهلين".

 

لننتقل إلى الموضوع، وهو ذو صلة بهذه المقدمة، ولكن من زاويتين: زاوية مطابقة للآيات والعقل والنقل، وزاوية معاكسة، بل هي مضادة بالكلية لهم جميعاً ، للقرآن والسنة والعقل، ألا وهو "حديث" الثقلين.

 

فما هما الثقلان؟

سماهما الثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ويُقال لكل خطير نفيس ثَقَل فسماهما ثقلين إعظاماً لهما وتفخيماً لشأنهما.

 

- جاء حديث الثَّقلين بلفظ: ((... كتاب الله، وعِترتي، وأهلَ بيتي)) عن جمْعٍ من الصَّحابة؛ منهم: علي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخُدري، وجابر بن عبد الله، وجُبَير بن مُطعِم، وحُذيفة بن أَسيد، وزَيد بن أرقمَ، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن حَنطب، ونُبَيط بن شُرَيط، (رضي الله عنهم أجمعين)، بألفاظٍ مختلفة.

 

وجاء بلفظ: ((كِتَابَ الله، وسُنَّتي))، أو: ((... وسُنَّة نبيِّه)) عن جمْع من الصَّحابة أيضًا؛ منهم: عُمر بن الخطَّاب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عبَّاس، وأبو هُريرَة، وأبو سعيد الخدريُّ، وأنس بن مالك، وعَمرو بن عوف المـُزَني، وناجية بن جُنْدُب، (رضي الله عنهم أجمعين)، وبألفاظٍ مختلفة أيضا.

 

ولا يوجد أي منها في أحد الصَّحيحين - البخاري ومسلم - بل الذي في صحيح مسلم ليس فيه التمسُّك بالعِترة ولا بالسُّنة، بل فيه التمسُّك بالكتاب، والوصيةُ بأهل بيته (ص)، ولفظُه: "أنا تاركٌ فِيكم ثَقلينِ: أوَّلهما: كتابُ الله، فيه الهُدى والنُور؛ فخُذوا بكتاب الله، واستمسِكوا به، فحثَّ على كِتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: وأهلُ بَيْتي، أُذكِّركم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهلِ بَيتي".

 

- أولًا: الأحاديث التي ذُكرت فيها العترة، منها:

 

١- حديث زَيد بن أرقمَ رضي الله عنه: "إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما".

 

وفي لفظ آخر: "أيُّها الناس، إنِّي تاركٌ فيكم أمرينِ لن تضلُّوا إن اتَّبعتموهما، وهما: كتابُ الله، وأهلُ بيتي عِترتي".

 

٢- حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه: "إنِّي قد تركتُ فيكم ما إنْ أخذتم به، لن تضلُّوا بعدي: الثَّقلَينِ - أحدهما أكبرُ مِن الآخَر - كتاب الله، حبْلٌ ممدود من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ألَا وإنهما لن يَفترِقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ". 

 

ثانيًا: الأحاديث التي ذُكرت فيها السنة، ومنها:

 

١- حديث عُمرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه: "تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا بعدهما: كتابَ الله جلَّ وعزَّ، وسُنَّةَ نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّمَ".

 

٢- حديث عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما: "تركتُ فيكم أيُّها الناس، ما إنِ اعتصمتم به، فلن تضلُّوا أبدًا: كتاب الله، وسُنَّة نبيِّه".

 

٣- حديث أبي هُرَيرة رضي الله عنه: "إنِّي قد خَلَّفتُ فيكم اثنين، لن تضلُّوا بعدهما أبدًا: كتاب الله، وسُنتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوض".

 

٤- حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه: "يا أيُّها الناس, إنِّي قد تركتُ فيكم الثَّقلين: كتاب الله، وسُنَّتي؛ فاستنطِقوا القرآن بسُنَّتي, ولا تعسفوه؛ فإنَّه لن تعمَى أبصارُكم , ولن تَزِلَّ أقدامكم, ولن تقصرَ أيديكم ما أخذتُم بهما)".

 

- وفي رواية لجعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي (ص) في صحيح مسلم: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده أبداً إن اعتصمتم به, كتاب الله»، فقط ولم يتطرق لأهل البيت ولا للعترة، وهذا رواه .

 

يقول إبن قدامة المقدسيُّ: (لا نسلِّم أنَّ المراد بالثقلين: القرآن، والعِترة، وإنَّما المراد: القرآن والسُّنة، كما في الرِّواية الأخرى: (تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما تمسَّكتم بهما: كتاب الله، وسُنَّة رسوله)، أخرجه مالكٌ في الموطأ.

 

وقال الآمديُّ: (لا نُسلِّم أنَّ المراد بالثَّقلينِ: الكتاب، والعترة، بل الكتاب، والسُّنَّة، على ما رُوي أنَّه قال: «كِتاب الله، وسُنَّتي»).

 

فأيهم نصدق؟

وبأي منهم نأخذ؟

وعلى أي رواية نبني ديننا؟

 

"أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ "؟!

 

"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا".

فهل في القرآن عوج؟ الإجابة: لا! لا يوجد.

 

- "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا". الفتح / ٨-٩،.

 

فروايات العترة وأهل البيت تخالف هذا النص القرآني، وتشرك مع الله ورسوله في الإيمان والتعزير والتوقير العترة وأهل البيت. 

 

وإذا كان النبي (ص) يقول نفسه: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله". صحيح البخاري.

 

والله جل جلاله لم يذكر في كتابه غير محمد الرسول، وما أنزله عليه من الكتاب والحكمة.

فكيف لنا أن نرفع من خفضه الله تعالى ورسوله؟!

وكيف لنا أن نمجد من لم يذكرهم الله في كتابه، كما ذكر آل إبراهيم وآل عمران؟؟

 

- "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"،

"هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلْأُمِّيّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍۢ".

 

كتاب الله تعالى في هذه الآيات وغيرها يسند قول النبي (ص ) كما جاء في رواية أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه: "يا أيُّها الناس, إنِّي قد تركتُ فيكم الثَّقلين: كتاب الله، وسُنَّتي؛ فاستنطِقوا القرآن بسُنَّتي, ولا تعسفوه؛ فإنَّه لن تعمَى أبصارُكم, ولن تَزِلَّ أقدامكم, ولن تقصرَ أيديكم ما أخذتُم بهما)".

 

فأي هداية ينتظرها المسلم من خارج كتاب الله وسنة رسوله (ص)؟

قال تعالى: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"؟.

 

ونحن نقول: أجعلتم العترة وأهل البيت مصدر تشريع وهداية بجانب كتاب الله العزيز؟!

أجعلتم أهل البيت والعترة مصدر التشريع الثاني بعد كتاب الله تعالى، وبدلاً عن سنة النبي محمد (ص)؟!

 

ثم إن أهل بيت النبي محمد (ص) هن أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن)، وليس غيرهن، وهن ينالهن من التوقير والتبجيل والتقديس مالا يناله غيرهن من البشر.

 

أما العترة والشجرة السلالية المزعومة فلا حظ لها من هذا التقدير، بل ولا ذرة، فهم أناس مثلنا يجري عليهم ما يجري علينا من الأقدار والأحكام، ويسري عليهم ما علينا من التكاليف والأعمال، ومن الجزاء والعقاب.

- فبأي حق ينالون هذه القداسة؟

- وأي خير أو هداية يمكن استجلابهم من خلالهم؟؟؟

وهل يرجى اقتداء وهداية ممن كان سبباً في سفح دم أكثر من ١٣٠.٠٠٠ مسلمٍ في حروب عبثية من أجل سلطة فانية؟؟؟!!!

 

"يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ؛ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا بَنِي عبدِ مَنَافٍ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا عَبَّاسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسولِ اللَّهِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا". الراوي : أبو هريرة، التخريج : أخرجه البخاري (4771)، ومسلم (206)

 

إن هذا الجدل العتراوي يذكرني بجدل مماثل حدث مع رسول الله (ص): "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ". يونس /١٥.

 

فيرد عليهم: "قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ". يونس / ١٦.

 

فهذا كتاب الله بين أيدينا هو الحكم، فماذا عسا بوسعنا فعله حيال دجلكم وتزويركم للحقائق والمبادئ والتوجيهات الربانية والنبوية؟

 

"تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ"؟

 

-سلوك الصحابة مع الروايات:

 

كان الصحابي يقول للصحابي: سمعت أو قال أو قضى أو رأيت رسول الله، فينكر الآخر عليه أو يقول أخطأت إذا وجده مخالفاً لما سمعه من الرسول (ص)، أو مخالفاً للقرآن.. أو حتى للعقل.

 

١- العرض على القرآن:

كانوا يرجعون إلى الأصل (القرآن) عند الخلاف في الروايات -رضوان الله عليهم-، وكانوا يحكمون على رواتها - وهم صحابة - بالوهم والخطأ، لمعارضتها النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو محفوظ بحفظ الله له، لم ولن يدخله أي تغيير على مدى الزمن.

 

وهذا الرد - للرواية- ليس ردا لكلام رسول الله (ص)، بل كان يعني عندهم : أنه ليس من كلام الرسول (ص)، ولعل الناقل أخطأ أو نسي، فالبشر معرضون لذلك -قطعا- ولا خلاف في أنهم يخطئون وينسون.

 

٢- عرض الروايات على بعضها:

 

رسول (ص) لا يمكن أن يناقض نفسه، ولا يخالف قوله نصا قرآنيا.

فإذا علمنا هذا أدركنا أن صدور أمر مخالف للقرآن عن رسول الله (ص) غير ممكن، ولو حكمنا على حديث -ما- بأنه مخالف للقرآن فكأننا قلنا: إن رسول الله (ص) لم يقله.

مثال على ذلك: 

- رواه البخاري ومسلم: ولفظ البخاري عن ابن عمر: "إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الفَرَسِ ، وَالمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ".

وعن أبي هريرة عند غيره بلفظ، (إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار).

سمعت عائشة ذلك؛ (فطارت شقة منها في السماء وشقة منها في الأرض)، وقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم أن النبي كان يقول: قال ذلك أهل الجاهلية.

ثم قرأت : "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نبرأها".

 

- رواية ابن عمر عن عمر عند موته : يا صهيب أتبكي عليَّ، وقد قال رسول الله: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه".. 

قالت عائشة: أمّا أنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ، وحسبكم القرآن: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، البخاري، وورد بلفظ النياحة عند غيره.

 

وكانوا رضوان الله عليهم يعرضون الروايات على بعضها:

- روى مسلم - كتاب الصيام- : عن أبي هريرة "من أدركه الفجر جنبا فلا يصم"..

بلغ ذلك عائشة وأم سلمة: كلتاهما قالت : كان النبي عليه الصلاة والسلام يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم.

 

بلغ ذلك أبا هريرة فقال : هما أعلم، سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي، قال : فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك، والصحابة بشر يعتريهم الوهم والنسيان قطعا.

 

- روى مسلم في الصحيح:

"يقطع صلاة المرء المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود".

اخبار التغيير برس

 

وروى البخاري في صحيحه:

قالت عائشة : (شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبي يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة .. فأنسل من عند رجليه)،

 

وفي رواية أخرى كنت أنام بين يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ، فإذا سجد غَمَزَنِي، فقَبَضتُ رِجْلَيَّ، فإذا قام بَسَطْتُهُمَا، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح». صحيح - متفق عليه

 

كما أن جعل المرأة في منزلة الكلب والحمار يزيد الناقد شكا في صحة الحديث، وهو مما استنكرته عائشة:

"بئس ما شبهتم بنا بالحمير والكلاب؟ لقد كنت أعترض بين يدي النبي (ص ) على السرير وهو يصلي).

 

٣- المنطق والنظر العقلي:

 

- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوضوء مما مست النار ولو من ثور أقط). الترمذي.

قال ابن عباس: يا أبا هريرة، أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟

الحميم هو الماء الساخن، كونه مسته النار، والدهن - أيضا - مسته النار. ويقاس عليه الشاي والقهوة والأكل المطبوخ، فكله مما تمسه النار .. فهل يتوضأ من كل ذلك؟

 

وهذا منطق عقلي.. لا خلاف عليه، وفيه دلالة واضحة على أن العقل ينقض الخبر المخالف له!

 

- عن أبي هريرة: "من غسل ميتا اغتسل، ومن حمله توضأ". رواه ابو داود وأحمد.. 

 

وحين بلغ ذلك عائشة رضي الله عنها قالت : ( أونجس موتى المسلمين)؟ وما على رجل لو حمل عودا)؟

 

وقال ابن عباس : (لا يلزمنا الوضوء من حمل عيدان يابسة). أي خشب الجنازة.

 

- روى مسلم عن أبي هريرة، قال رسول الله: "إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا".. 

فلما بلغ ذلك عائشة قالت : يا أبا هريرة! فما نصنع بالمهراس؟.

والمهراس حجر منحوت يوضع فيه الماء للوضوء... المعنى كيف احرك المهراس الثقيل؟ سأضطر إلى غمس يدي فيه قبل غسلها.. وهذا نظر عقلي.

 

فعائشة (رضي الله عنها) ترد الرواية عقلا، بل هي تكون أعلم بالسنة العملية للرسول في هذا الباب. فالروايات التي لا توافق العقل قطعا ليست من سنة الرسول حتى لو صح سندها، ولو ورواها صحابي.

 

فهل رد الرواية الخبرية كان معناه ردا لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنه كان هناك منهج عقلي للحكم على الروايات، وأن ذلك لا يعني ردا للسنة النبوية؟

قطعا ومنطقا وديانة؛ إن ما صح من سنة النبي الكريم لا يمكن أن يناقض القرآن أو العقل، فالنبي عليه السلام مبين لشريعة الله.. وهذا مجمع عليه ولا خلاف فيه.

إنما الخلاف في الروايات المنقولة والتي كان يعرضها الصحابة على القرآن والعقل وعلى -بعضها- أيضا.

 

هناك مثل سوري يقول: (الله بالعين ماشافوه، لكنهم بالعقل عرفوه).

فهناك روايات لا يقبلها عقل، ولا يستسيغها ذوق، وبالتالي ترفضها الفطرة السليمة وتمجها.. ناهيك عما يخالف قول الله تعالى ورسوله (ص).

أما العترة والشجرة السلالية المزعومة فلا حظ لها من هذا التقدير، بل ولا ذرة، فهم أناس مثلنا يجري عليهم ما يجري علينا من الأقدار والأحكام، ويسري عليهم ما علينا من التكاليف والأعمال، ومن الجزاء والعقاب.

- فبأي حق ينالون هذه القداسة؟

- وأي خير أو هداية يمكن استجلابهم من خلالهم؟؟؟

وهل يرجى اقتداء وهداية ممن كان سبباً في سفح دم أكثر من ١٣٠.٠٠٠ مسلمٍ في حروب عبثية من أجل سلطة فانية؟؟؟!!!

 

"يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ؛ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا بَنِي عبدِ مَنَافٍ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا عَبَّاسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسولِ اللَّهِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا". الراوي : أبو هريرة، التخريج : أخرجه البخاري (4771)، ومسلم (206)

 

إن هذا الجدل العتراوي يذكرني بجدل مماثل حدث مع رسول الله (ص): "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ". يونس /١٥.

 

فيرد عليهم: "قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ". يونس / ١٦.

 

فهذا كتاب الله بين أيدينا هو الحكم، فماذا عسا بوسعنا فعله حيال دجلكم وتزويركم للحقائق والمبادئ والتوجيهات الربانية والنبوية؟

 

"تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ"؟

 

-سلوك الصحابة مع الروايات:

 

كان الصحابي يقول للصحابي: سمعت أو قال أو قضى أو رأيت رسول الله، فينكر الآخر عليه أو يقول أخطأت إذا وجده مخالفاً لما سمعه من الرسول (ص)، أو مخالفاً للقرآن.. أو حتى للعقل.

 

١- العرض على القرآن:

كانوا يرجعون إلى الأصل (القرآن) عند الخلاف في الروايات -رضوان الله عليهم-، وكانوا يحكمون على رواتها - وهم صحابة - بالوهم والخطأ، لمعارضتها النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو محفوظ بحفظ الله له، لم ولن يدخله أي تغيير على مدى الزمن.

 

وهذا الرد - للرواية- ليس ردا لكلام رسول الله (ص)، بل كان يعني عندهم : أنه ليس من كلام الرسول (ص)، ولعل الناقل أخطأ أو نسي، فالبشر معرضون لذلك -قطعا- ولا خلاف في أنهم يخطئون وينسون.

 

٢- عرض الروايات على بعضها:

 

رسول (ص) لا يمكن أن يناقض نفسه، ولا يخالف قوله نصا قرآنيا.

فإذا علمنا هذا أدركنا أن صدور أمر مخالف للقرآن عن رسول الله (ص) غير ممكن، ولو حكمنا على حديث -ما- بأنه مخالف للقرآن فكأننا قلنا: إن رسول الله (ص) لم يقله.

مثال على ذلك: 

- رواه البخاري ومسلم: ولفظ البخاري عن ابن عمر: "إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الفَرَسِ ، وَالمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ".

وعن أبي هريرة عند غيره بلفظ، (إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار).

سمعت عائشة ذلك؛ (فطارت شقة منها في السماء وشقة منها في الأرض)، وقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم أن النبي كان يقول: قال ذلك أهل الجاهلية.

ثم قرأت : "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نبرأها".

 

- رواية ابن عمر عن عمر عند موته : يا صهيب أتبكي عليَّ، وقد قال رسول الله: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه".. 

قالت عائشة: أمّا أنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ، وحسبكم القرآن: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، البخاري، وورد بلفظ النياحة عند غيره.

 

وكانوا رضوان الله عليهم يعرضون الروايات على بعضها:

- روى مسلم - كتاب الصيام- : عن أبي هريرة "من أدركه الفجر جنبا فلا يصم"..

بلغ ذلك عائشة وأم سلمة: كلتاهما قالت : كان النبي عليه الصلاة والسلام يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم.

 

بلغ ذلك أبا هريرة فقال : هما أعلم، سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي، قال : فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك، والصحابة بشر يعتريهم الوهم والنسيان قطعا.

 

- روى مسلم في الصحيح:

"يقطع صلاة المرء المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود".

 

وروى البخاري في صحيحه:

قالت عائشة : (شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبي يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة .. فأنسل من عند رجليه)،

 

وفي رواية أخرى كنت أنام بين يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ، فإذا سجد غَمَزَنِي، فقَبَضتُ رِجْلَيَّ، فإذا قام بَسَطْتُهُمَا، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح». صحيح - متفق عليه

 

كما أن جعل المرأة في منزلة الكلب والحمار يزيد الناقد شكا في صحة الحديث، وهو مما استنكرته عائشة:

"بئس ما شبهتم بنا بالحمير والكلاب؟ لقد كنت أعترض بين يدي النبي (ص ) على السرير وهو يصلي).

 

٣- المنطق والنظر العقلي:

 

- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوضوء مما مست النار ولو من ثور أقط). الترمذي.

قال ابن عباس: يا أبا هريرة، أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟

الحميم هو الماء الساخن، كونه مسته النار، والدهن - أيضا - مسته النار. ويقاس عليه الشاي والقهوة والأكل المطبوخ، فكله مما تمسه النار .. فهل يتوضأ من كل ذلك؟

 

وهذا منطق عقلي.. لا خلاف عليه، وفيه دلالة واضحة على أن العقل ينقض الخبر المخالف له!

 

- عن أبي هريرة: "من غسل ميتا اغتسل، ومن حمله توضأ". رواه ابو داود وأحمد.. 

 

وحين بلغ ذلك عائشة رضي الله عنها قالت : ( أونجس موتى المسلمين)؟ وما على رجل لو حمل عودا)؟

 

وقال ابن عباس : (لا يلزمنا الوضوء من حمل عيدان يابسة). أي خشب الجنازة.

 

- روى مسلم عن أبي هريرة، قال رسول الله: "إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا".. 

فلما بلغ ذلك عائشة قالت : يا أبا هريرة! فما نصنع بالمهراس؟.

والمهراس حجر منحوت يوضع فيه الماء للوضوء... المعنى كيف احرك المهراس الثقيل؟ سأضطر إلى غمس يدي فيه قبل غسلها.. وهذا نظر عقلي.

 

فعائشة (رضي الله عنها) ترد الرواية عقلا، بل هي تكون أعلم بالسنة العملية للرسول في هذا الباب. فالروايات التي لا توافق العقل قطعا ليست من سنة الرسول حتى لو صح سندها، ولو ورواها صحابي.

 

فهل رد الرواية الخبرية كان معناه ردا لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنه كان هناك منهج عقلي للحكم على الروايات، وأن ذلك لا يعني ردا للسنة النبوية؟

قطعا ومنطقا وديانة؛ إن ما صح من سنة النبي الكريم لا يمكن أن يناقض القرآن أو العقل، فالنبي عليه السلام مبين لشريعة الله.. وهذا مجمع عليه ولا خلاف فيه.

إنما الخلاف في الروايات المنقولة والتي كان يعرضها الصحابة على القرآن والعقل وعلى -بعضها- أيضا.

 

هناك مثل سوري يقول: (الله بالعين ماشافوه، لكنهم بالعقل عرفوه).

فهناك روايات لا يقبلها عقل، ولا يستسيغها ذوق، وبالتالي ترفضها الفطرة السليمة وتمجها.. ناهيك عما يخالف قول الله تعالى ورسوله (ص).

 

التغيير برس